ماكرون و مبابي و زيدان… و أشياء أخرى…
قبل أيام قليلة، قال النجم الفرنسي كيليان مبابي إن تجديده في باريس جاء عن قناعة تامة نابعة من رغبته في “المساهمة في تطوير الدوري الفرنسي” و أنه اختار البقاء في عاصمة الأنوار لأنه ابنها أولا، و لأنه فرنسي… مبابي أكد كل الكلام الذي قيل عن تعرضه ل “ضغط من أعلى مستوً” للبقاء في البي إس جي، و اعترف أن إيمانويل ماكرون كلّمه شخصيا و قدم له المشورة كصديق، طبعا نحن هنا ندرك معنى أن يتواصل معك رئيس البلاد و يطلب منك شيئا، ثم لا يجب أن ننسى أن مبابي شاب يافع لم يتجاوز ال24 من العمر….
قد يقول قائل إن ماكرون لا يفعل هذا لعيون باريس سان جيرمان، بل لأنه يعرف أهمية صناعة دوري عالمي كقوة ناعمة تخدم الاقتصاد والسياسة، و أنه تعلم ذلك من البريميرليغ، و هنا ندرك حقيقة أهمية الرياضة عموما و كرة القدم خصوصا و وزنها الكبير و تأثيرها في السياسة و الاقتصاد، من حق الفرنسيين أن يعملوا على تطوير دوري تراجعت أسهمه كثيرا في العشريات الأخيرة و غاب عن منصات التتويج قاريا، و من حق القائمين على الشأن الكروي في فرنسا أن يسعوا لجلب المواهب العالمية و الإبقاء على النجوم المحليين اللذين يتألقون في إيطاليا و انجلترا و اسبانيا و ألمانيا و يغادرن الليغ 1 في أول فرصة… و تدخل الرئيس و لو بشكل غير مباشر يدخل في إطار هذه الحرب المشروعة….
خلال اليومين الأخيرين، خرج الرئيس ماكرون مجددا ليدلي برأيه في تدريب زين الدين زيدان للنادي الباريسي، و أكد أنه “يريد مشاهدة النجوم الفرنسية التي تألقت في الخارج تعود للبلد لتسدي له خدماتها”، فهو يرغب في رؤية صانع ملحمة كأس العالم 1998 على دكة حديقة الأمراء، و أن ذلك سيكون أمرا “مثيرا للغاية”، قبل أن ينهي كلامه ببعض من الديبلوماسية و هو يقول إن كلامه نابع من حبه لفرنسا و أن القرار يعود للمعني بالأمر أولا و أخيرا….
لكن الرأي المخالف قد يقول: لماذا لا تشمل جهود ماكرون كافة النوادي الفرنسية من خلال محاولة جلب الاستثمارات ورجال الأعمال للدوري الفرنسي ومحاولة خلق شيءٍ من التكافؤ والمنافسة بين الأندية، و لماذا تقتصر محاولاته على باريس سان جيرمان “القطري” فقط….؟؟؟
يبدو أن التاريخ أنسى البعض أن تكاليف الحملة الانتخابية للرئيس السابق نيكولا ساركوزي في عام 2007، و التي كانت بمبلغٍ يتراوح ما بين الـعشرين و الثلاثين مليون يورو كانت على نفقة العقيد الليبي معمر القذافي وبعض صناديق الاستثمار الليبية، و يعلم القاصي و الداني أن القضاء الفرنسي فتح تحقيقاً حول هذه القضايا و أصدر أحكاما بالسجن على الرئيس السابق في بعضها…. و من المنطقي عقد المقارنات بين تلك القضية و ما يقع اليوم من تقارب سياسي و اقتصادي و رياضي بين فرنسا و قطر…
من حق كل متابع للشأن الرياضي أن يتساءل عن سر تحول رئيس قوة اقتصادية عظمى ل “مدير رياضي” للنادي الباريسي يتحدث عن مبابي تارة و عن زيدان مرة أخرى، و يخصص نفسه من أجل نادٍ واحد، رغم أنه لا يخفي تشجيعه لنادي قلبه مارسيليا، النادي الذي لم يتدخل في شؤونه لا من قريب و لا من بعيد…
هل تفكرون فيما أفكّر…؟؟؟