انتهى كأس العالم بالنسبة للمنتخب المغربي، و بالنسبة لنا كمغاربة، وطنا و شعبا و ملكاً، و انتهى معه حلم بدأ يكبر رويدا رويداً… منذعبور دور المجموعات و وصولا إلى نصف النهائي الذي توقف معه كل شيء…
قبل حوالي شهر من اليوم، كان أقصى طموح المغاربة هو تجاوز الدور الأول و تكرار إنجاز طال انتظاره منذ جيل الزاكي و التيمومي وخيري، إنجاز 1986 الذي لم يعشه جزء كبير منّا. شخصيا أتذكره كما لو كان بالأمس أتذكر تفاصيل ليال رمضانية سهرتها مع والدي،فرحنا بفوز كبير على البرتغال، و خروج مرير على يد ألمانيا ماتاووس في دور الثمن، كان عمري حينها لا يتجاوز التسع سنوات، لأمكث وقتاطويلا قبل أن أعيش نفس الأفراح بل و أكبر منها مع أبنائي…
مع مرور مباريات المنتخب الوطني في مونديال قطر، و مع توالي النتائج، ركز المدرب وليد الركراكي على نقطة مهمة هي “تغيير العقليات“،ليس فقط بالنسبة لمنتخبنا، لكنه كان حاملاً للمشعل الإفريقي و العربي و كذلك ما يسمى بالعالم الثالث، و ذلكم التغيير يبدأ بالثقة فيقدراتنا و إمكانياتنا، و التأكيد على نقطة مهمة هي العمل و العمل فالعمل ثم العمل، لأن نتيجة الاجتهاد هي نَوْلُ النّصيب، و لأن الأهداف لابد أن توضَع و يُعمَل عليها لكي تتحقق، و لأنه يجب القطع مع فكرة “المشاركة المشرّفة” و “الأدا” و “الخروج برأس مرفوعة“، مقابل جعلالسعي وراء النتائج و تحقيق الإنتصارات أولى الأولويات…
شخصيا لم أحب كيف فرح الكاميرونيون عندما فازوا على البرازيل رغم أنهم كانوا خارج المنافسة، و كيف اعتبر التونسيون تحقيق فوز لايسمن و لا يغني من جوع على فرنسا إنجازًا عظيما، نحن كأفارقة و كأمازيغ و كعرب يجب أن نحزن لأننا لم نعبر من دور المجموعات، ثمنشمر على سواعدنا و نعمل لتفادي ذلك مستقبلا، و أن نبحث عن مكامن الخلل و نسعى سعيا حثيثاً لإصلاحها، يجب أن نتوقف عنالتصفيق للإنجازات الواهية، و كما قال الركراكي: “لا أريد أن يقال كان المنتخب الإفريقي الفلاني ممتعا في لعبه، قدموا لقاءات رائعة… لاأريد أن يقال إن بوفال قدم فاصلا مهاريا رائعا، و في الأخير نخرج من المنافسة… أنا أريد أن أفوز…”
شعوري الشخصي بعد إقصاء المنتخب المغربي على يد فرنسا كان هو الحزن و الغضب و الحسرة، نعم وصلنا للمربع الذهبي، لكن كانبإمكاننا العبور للحفل الختامي، لأن فرنسا لم تسيطر علينا، و لأننا كنا فعلا أقوى منهم، لكن لعنة “التفاصيل الصغيرة” التي تخلق الفارقعادت من جديد ، لأن المدرب أخطأ في قراءة المباراة، و لأن لاعبينا ارتكبوا أخطاءً لا تغتفر أمام حامل النسخة الأخيرة من كأس العالم، و ذلكنقاش آخر لا مجال للخوض فيه الآن، و لأن الحكم أيضا ظلمنا صراحة، و تلك طامة كبرى….
الظرفية الحالية تقتضي النهوض سريعا، أمامنا استحقاقات كبيرة قادمة أولها كأس أمم افريقيا القادمة، و على المدرب و طاقمه تحليل وتقييم مردود كأس العالم ، و الوقوف على الأخطاء و إصلاحها، و طبعا مواصلة العمل و الاستثمار في هذا النجاح، لأن الوصول لمربع الكبارنجاح كبير، و هو بالمناسبة ليس من الصعب أن يتكرر…. لا أريد أن ينتظر إبني حتى يكون له أولاد حتى يراه يتكرر، كما انتظرت أنا….
و كما قال مارتن لوتركينغ: الذي وُلد ليزحف، لا يستحق أن يطير